الصحافة اليوم 12-2-2018: الرئيس بري: حادثة إسقاط الطائرة الإسرائيلية «أكثر من معركة وأقل من حرب» و البلوك 8 هو القصة – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 12-2-2018: الرئيس بري: حادثة إسقاط الطائرة الإسرائيلية «أكثر من معركة وأقل من حرب» و البلوك 8 هو القصة

صحف محلية

ركزت افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 12 شباط 2018 على مواضيع عديدة كان اهمها حادثة اسقاط طائرة “F 16” الاسرائيلية من قبل الدفاعات الجوية السورية.. حيث ادخلت المجتمع الصهيوني بمختلف مستوياته العسكرية والسياسية والامنية والاعلامية والاجتماعية في صدمة وارتباك مريب حول “المستقبل المجهول لوجود الكيان” وسط اعادة رسم للتوازنات ومعادلات الردع الجديدة والمستجدة…

البناء*  البناء

سورية تُربك زيارة تيلرسون وتُعيد رسم التوازنات ومعادلة الردع… بإسقاط الـ«أف 16»

مساعٍ لبنانية لتحريك ملف شبكة الدفاع الجوي المنسيّة منذ عام 74… وثبات على المواقف

تضامن رسمي وشعبي مع سورية… وشكوى من الخارجية لمجلس الأمن… والناشف يُبرق للأسد

 كتب المحرّر السياسي

تغيّر المشهد الاستراتيجي والدبلوماسي والعسكري في المنطقة مع نجاح الدفاعات الجوية السورية بإسقاط طائرة «أف 16» «إسرائيلية» أغارت على الأراضي السورية، فتحوّلت الضربة التي أرادها «الإسرائيليون» رصيداً لتعزيز قدرة الردع، وفرضاً لقواعد اشتباك جديدة، وتمهيداً لزيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، عبئاً على الثلاثة. فارتسمت قواعد اشتباك معاكسة، وصورة ردع بديلة، وصار على تيلرسون أن يبحث عن رسائل أخرى يحملها لا تسقط المهابة المصابة وتتمكّن من منع الانزلاق لما هو أسوأ.

السياق الذي بدأ بالتمادي بإصابة عناوين القوة الروسية في سورية من حميميم إلى إسقاط طائرة السوخوي، واستمرّ تصاعداً بالغارات «الإسرائيلية» وتشبيكها مع التهديدات للبنان، وصولاً للضربة الأميركية لقوات سورية شعبية في شمال دير الزور، وتوّجته الغارات «الإسرائيلية» الأخيرة، قطعته الخطة السورية المدعومة من إيران والمقاومة وروسيا، لترميم شبكات الدفاع الجوي وتحديثها وإعادة هيكلتها وفقاً للمتغيّرات، كما سبق وأعلن نائب وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد قبل أسابيع قليلة وببيان مكتوب غداة التوسّع التركي شمال سورية، ولم يأخذه الحلف الأميركي «الإسرائيلي» على محمل الجدّ، وصار الحلف الذي تقوده واشنطن يحمل وصفة لتقسيم سورية وتقاسمها وفقاً لوثيقة الخمسة المشتركة مع السعودية والأردن وفرنسا وبريطانيا، لكنه لا يملك وسائل وضعها على الطاولة، كما يحمل وصفة المقايضة بين التهديدات للبنان، ليقول نفطكم مقابل قوة حزب الله، لكنه لا يملك وسيلة جعل لبنان محتاجاً للتفاوض، البائع موجود، لكن البضاعة مردودة.

مفعول الضربة السورية لعنوان الجبروت «الإسرائيلي» الذي يختزنه سلاح الجو المتفرّد منذ عقود بأجواء المنطقة، ودرّة تاج هذا السلاح الذي تمثله طائرة «أف 16»، كان عكسياً في لبنان، فبدلاً من الاستعداد للبحث بالعروض الأميركية التي مهّد لها السفير دايفيد ساترفيلد ويفترض أن يحملها وزير الخارجية ريكس تيلرسون، وضع اللبنانيون على الطاولة، ملف البحث عن امتلاك شبكة دفاع جوي، تمثل حقاً سيادياً للبنان وحاجة ماسة لضمان حسن استثمار ثرواته السيادية، خصوصاً مع دخوله نادي الدول النفطية، كما حمل الاحتفال بتوقيع العقود النفطية، في كلمات المسؤولين اللبنانيين وتعليقاتهم، التي تصدّرها إعلان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن الافتخار بالإنجاز النفطي رغم التهديدات.

السؤال اللبناني، أنه قبل أكثر من أربعة عقود، وقبل دخول النادي النفطي، وفي زمن ما قبل المقاومة وموازين الردع التي تمثلها، وفي عهد الرئيس الراحل سليمان فرنجية، بادر لبنان لشراء منظومة دفاع جوي من فرنسا، حملت اسم صواريخ الكروتال، التي حوّلت لفضيحة فساد لمنع لبنان من دخول نادي الأقوياء يومها، فتمّ إلغاء الصفقة، علماً أنّ لبنان اشترى من فرنسا في العام 1968 جهاز رادار متطوّراً للدفاع الجوي عُرف باسم رادار الباروك حيث تمّ نصبه وكان مداه يبلغ 300 كلم. وقد دمّرت «إسرائيل» هذا الرادار في 9 تشرين الأول 1973 ولما يتمّ تعويضه.

وكان لبنان اشترى مع الرادار، 12 طائرة ميراج – 3، وهذه الطائرات لم تستخدم لتأمين مظلات جوية للدفاع عن الرادار الذي كان ناشطاً ويقوم بدور فعّال في الإنذار المبكّر وتزويد السوريين بمعلومات مهمة عن حركة الطائرات الحربية «الإسرائيلية».

وفي العام 1971 ألغى لبنان صفقة لشراء صواريخ دفاع جوي من نوع كروتال مع فرنسا بعدما رافقتها حملات اتهام بالفساد والعمولات.
يجري التداول في الأوساط الحكومية والسياسية بالتساؤل، الموجّه للفريق المناوئ للمقاومة، طالما تريدون تقوية الجيش اللبناني، فلماذا لا يوضع ملف امتلاك الجيش اللبناني شبكة دفاع جوي على الطاولة، وإذا كان الأميركيون جاهزين، ففاتحوا تيلرسون بالطلب، وللبنان رئيس جمهورية موثوق بعلاقته بالمؤسسة العسكرية ويعرف احتياجاتها جيداً، وإنْ رفض الأميركيون فالبدائل متوافرة وروسيا تبيع شبكاتها العصرية لحلفاء أميركا في السعودية وتركيا، فكيف لا تبيعها للبنان، وإيران سبق وعرضت الاستعداد لتقديم السلاح الذي يحتاجه لبنان، ويمكن التفاهم معها على تمويل صفقة سلاح مع روسيا بهذا الحجم ولهذه المهمة.

من تداعيات التحوّل الكبير الذي أحدثته الضربة السورية المحسوبة، والبالغة التأثير في توازنات المنطقة، الالتفاف الرسمي والشعبي التضامني مع سورية الذي عبّر عنه بيان رسمي للخارجية اللبنانية أرفق بشكوى لمجلس الأمن الدولي بوجه الاستخدام العدواني على لبنان وسورية للأجواء اللبنانية، بينما شملت دائرة المواقف السياسية والشعبية المتضامنة دوائر واسعة حزبية واقتصادية واجتماعية.

الحزب السوري القومي الاجتماعي أعرب عن ترجمة التضامن مع سورية بشراكة الدم التي يؤديها نسور الزوبعة إلى جانب رفاقهم في الجيش العربي السوري، وعن ثقته بشجاعة وحكمة الرئيس السوري بشار الأسد وبالجيش والشعب في سورية مهنئاً بالإنجاز الكبير، عبر بيان للحزب وبرقية وجّهها رئيس الحزب حنا الناشف للرئيس السوري بشار الأسد.

«إسرائيل» قلقة: لا للحرب مع لبنان

فرضت التطورات العسكرية في سورية نفسها على المشهد الداخلي اللبناني الذي عاش حالة من الاسترخاء السياسي في عطلة نهاية الاسبوع، حيث غاب النشاط السياسي والحكومي في ظل وجود رئيس الحكومة سعد الحريري خارج البلاد على أن يعود النشاط الى طبيعته ابتداءً من اليوم، حيث يحتل الملف الانتخابي واجهة الاهتمامات حتى موعد الانتخابات في أيار المقبل، باستثناء ملف الموازنة، حيث يعقد مجلس الوزراء جلسات مكثفة لدرس مشروع موازنة 2018 مع توقعت مصادر وزارية أن ينتهي المجلس من درسها خلال عشرة أيام وإحالتها الى المجلس النيابي ليناقشها بدوره ويقرها قبيل الانتخابات.
وفي تطورٍ استراتيجي نوعي سيترك تداعياته على الجبهة الجنوبية في أي حرب مقبلة وعلى قواعد الاشتباك بين «إسرائيل» وحزب الله الذي رأى أننا أمام مرحلة جديدة من الصراع مع العدو «الإسرائيلي»، تمكنت الدفاعات الجوية التابعة للجيش السوري من إسقاط طائرة «أف 16» «إسرائيلية» ليل الجمعة ـ السبت الماضي خلال غارات شنها الطيران «الإسرائيلي» من الأجواء اللبنانية على مطار «تي 4» في ريف حمص الشرقي.

وأشارت مصادر عسكرية لـ «البناء» الى أن «الحدث العسكري في سورية سيؤثر على توازن الردع القائم مع «إسرائيل» لصالح المقاومة في لبنان، كما سيدفع القيادة العسكرية والسياسية في «إسرائيل» الى التفكير ألف مرة قبل شن عدوان على لبنان وإجبار الجيش «الإسرائيلي» على اتخاذ اجراءات احترازية قبل تحليق طائراته في المجال الجوي اللبناني ما يقيد حركة سلاح الجو الإسرائيلي»، لكنها أوضحت أن «ذلك لا يعني أن إسرائيل ستوقف طلعاتها الجوية فوق لبنان، لكن مهمتها في سورية باتت أصعب بعد إسقاط طائرة الـ f16 لا سيما بعد تيقن القيادة الإسرائيلية بأن لبنان وسورية جبهة واحدة متصلة وأن أي حرب شاملة مع جبهة لن تبقى الجبهة الاخرى هادئة. وهذا ما أكده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في مقابلته التلفزيونية الاخيرة من أن محور المقاومة سيخوض الحرب المقبلة، إن وقعت كجبهة واحدة».

كما أوضحت المصادر العسكرية أن «ما حصل سيحُول دون استخدام الطائرات الإسرائيلية الأجواء اللبنانية لضرب أهدافٍ في سورية أو على الأقل سيبعد المدى الذي تستخدمه إسرائيل لشن ضرباتها على سورية، لكن ذلك لن يمنع طائراتها من اختراق الأجواء اللبنانية لأن الدفاعات الجوية السورية غير مخولة إطلاق الصواريخ على الطائرات الإسرائيلية التي تحلق فوق لبنان، لكن هذا ممكن بحسب خبراء عسكريين في حال اندلعت مواجهة أو حرب شاملة، حيث تسقط الخطوط الحمر وتنهار الحدود بين الجبهات ويتصل محور المقاومة ببعضه ليشكل جبهة واحدة وحينها ستسقط آلاف الصواريخ على كيان الاحتلال في الوقت نفسه من أكثر من جبهة، كما ستبدأ المفاجآت التي وعد بها السيد نصرالله».

وبرأي المصادر فإن احتمالات الحرب «الإسرائيلية» على لبنان قد تراجعت الى حدٍ كبير، «إذ إن إسرائيل غير مستعدة للحرب لا سيما أنها لم تستطع حتى الآن من بناء جبهة داخلية قادرة على مواجهة الحرب لمدة طويلة. وما يؤكد ذلك تراجع تهديدات المسؤولين الإسرائيليين للبنان في موضوع الجدار الفاصل وفي استثمار لبنان ثروته من النفط والغاز في البلوك رقم 9».

وأضافت المصادر أن «توازن الردع الذي فرضته سورية على إسرائيل وانعكس أيضاً على المعادلة النفطية في لبنان، حيث تعززت قدرة الردع لدى المقاومة في لبنان والجيش السوري في أي عدوان إسرائيلي على حقوق لبنان في ثروته النفطية في المياه الاقليمية اللبنانية لا سيما البلوك 9 الذي ادعت إسرائيل ملكيته». وتساءلت المصادر: «ما الذي يمنع لبنان من السعي لامتلاك أنظمة دفاع جوي على غرار التي تملكها سورية من روسيا أو اي دولة أخرى لحماية أجوائه من الخروق الجوية الإسرائيلية وانتهاك السيادة اللبنانية؟ وأي استراتيجية دفاعية تطالب بها بعض الأطراف الداخلية كبديل عن سلاح المقاومة من دون نظام دفاع صاروخي؟».

وغداة سقوط الطائرة «الإسرائيلية» بصواريخ سورية سقط أجزاء منها في مناطق لبنانية، ارتفع منسوب القلق والخوف في «إسرائيل» لا سيما سكان المنطقة الشمالية من اندلاع حرب مع لبنان تؤدي الى سقوط أعداد كبيرة من صواريخ حزب الله على المستوطنات في فلسطين المحتلة، وتكفي مراقبة الوضع على ضفتي الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة لملاحظة مدى حالة الرعب لدى قادة العدو وصفوف المستوطنين الصهاينة الذي نزحوا بكثافة الى مناطق أخرى. في المقابل كان المشهد طبيعياً على طول الشريط الحدودي داخل الأراضي اللبنانية حيث سادت أجواء الفرح والاحتفال بإسقاط الطائرة.

وفي سياق ذلك، رأى وزير التعليم في كيان الاحتلال نفتالي بينت أن «معركة مقبلة مع لبنان ستشهد اطلاق أعداد كبيرة من الصواريخ على شمال إسرائيل ووسطها»، واعتبر في تصريح أن «معركة أخرى في لبنان ستؤدي إلى أضرار بالجبهة الداخلية لم يحدث مثلها منذ حرب الاستقلال»، مشدداً على ضرورة «القيام بكل شيء لمنع أي معركة مقبلة مع لبنان».

الاعتداءات الجوية «الإسرائيلية» على الأراضي السورية، كانت محط متابعة لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتشاور مع رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة سعد الحريري، حيث أجرى الرئيس عون اتصالات هاتفية مع كل من الرئيسين بري والحريري الموجود خارج لبنان، وتشاور معهما في الاوضاع المستجدة، وما يمكن أن يتخذ من مواقف حيالها.

وأعلنت وزارة الخارجية والمغتربين في بيان أنّ «وزير الخارجية جبران باسيل أعطى تعليماته إلى بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن بحقّ إسرائيل لإدانتها وتحذيرها من مغبة استخدامها الأجواء اللبنانية لشنّ هجمات على سورية». ودانت الخارجية اللبنانية «الغارات الّتي تعرّضت لها سورية»، مؤكّدةً على «حقّ الدفاع المشروع ضد أي اعتداء إسرائيلي».

برقية رئيس «القومي» للرئيس السوري

وأثار العدوان الصهوني على سورية ولبنان ردود فعل مستنكرة ومواقف مرحبة بالرد السوري وداعمة للجيش السوري والإنجازات التي يحققها على أكثر من جبهة ومحور.

وأبرق رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف إلى رئيس الجمهورية العربية السورية ـ القائد العام للجيش والقوات المسلحة الفريق الركن الدكتور بشار الأسد، وجاء في البرقية:

باسمي شخصياً وباسم قيادة الحزب، وعموم السوريين القوميين الاجتماعيين في الوطن وعبر الحدود، لا سيما نسور الزوبعة الذين هم في خندق واحد مع الجيش السوري، يقاتلون الإرهاب والتطرف على أرض سورية، أتوجّه إلى سيادتكم بتحية تقدير واعتزاز، لموقفكم الشجاع، وقراركم الصائب والحكيم، بالتصدّي الفعّال للعدو الصهيوني الإرهابي ولوضع حدّ لغطرسته وعربدته وهجماته التي تستهدف أرضنا وشعبنا.

إننا إذ ندين بشدة العدوان الصهيوني على سورية، نؤكد في الوقت عينه، أنّ كلّ عدوان على بلادنا سيواجه بالصمود والمقاومة، ولا ريب أننا أصحاب حق، والحق الذي تسانده القوّة سينتصر لا محال.

إنّ سورية بقيادتكم الحكيمة، وشعبها المقاوم، وجيشها الظافر، ستبقى قلعة للصمود والمقاومة، عصية على الخضوع والاستسلام، تواجه المؤامرات وتنتصر للحرية والسيادة والكرامة.

بدوره أكد عميد الإعلام في «القومي» معن حميّة وقوف «الحزب» إلى جانب الجيش السوري وكلّ قوى المقاومة والحلفاء، في موقع الدفاع عن أرضنا وشعبنا حتى القضاء الإرهاب وعلى الاحتلال والتهديدات العدوانية.

واعتبر حمية في بيان أنّ رصد الدفاعات الجوية السورية للطائرات «الإسرائيلية» المعادية وإصابة وإسقاط وإصابة عدد منها، يشكل رسالة قوية للكيان الصهيوني الغاصب ومَن يقف خلف هذا العدو. ومفاد الرسالة أنّ لدى سورية قدرات كبيرة وحاسمة، وهي موضوعة قيد الاستخدام في مواجهة العدوان. وحيّا الحزب، الجيش السوري على تصدّيه للإرهاب والعدوان، فهذا الجيش البطل بمؤازرة حلفائه، يخوض منذ سبع سنوات حرب تشرين ثانية ظافرة، وهو يحقق الإنجاز تلو الإنجاز.

من جهته، رأى حزب الله في بيان أن إسقاط الطائرة «بداية مرحلة استراتيجية جديدة تضع حداً لاستباحة الأجواء والأراضي السورية»، مؤكداً أن «تطورات اليوم تعني بشكل قاطع سقوط المعادلات القديمة».

واعتبر نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن «قاعدة الاشتباك التي تبنى على الاعتداء من دون رد سقطت وبالتالي لا إمكانية لـ «إسرائيل» بأن تستخدم بعد اليوم هذه القاعدة في الاشتباك وتتجول كما تريد لتحقق أهدافها، لان رداً هنا أو هناك يمكن أن يحصل ويعطّل الاهداف «الإسرائيلية» التي تبتغيها من خلال الاشتباك».

لبنان يدخل نادي دول النفط

ومن المجال الجوي الى الأحواض النفطية في أعماق البحر المتوسط، حيث تمكن لبنان من تجاوز التهديدات «الإسرائيلية» وتحقيق خطوة جديدة متقدّمة في مسار استثمار ثروته الطبيعية من النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، وبالتالي الدخول الى نادي الدول النفطية.

وفي احتفال رسمي أُقيم في البيال الجمعة الماضي بحضور رئيس الجمهورية ومعظم الوزراء في الحكومة وممثلين عن الشركات الأجنبية الثلاث وهيئة إدارة البترول، وقع لبنان اتفاقيتي التنقيب واستخراج النفط والغاز مع تحالف ثلاث شركات وهي توتال الفرنسية وايني الايطالية ونوفوتيك الروسية في البلوكين 4 و9، وقال الرئيس ميشال عون في كلمته في ختام الحفل «لبنان دخل في التاريخ اليوم وبمرحلة جديدة، الى الذين عملوا في هذا الميدان وأوصلونا الى هذه النقطة والفضل للبنانيين. من الآن وصاعداً أصبح العمل تجارياً، أما العمل المتعب فهو الذي قمتم به أنتم أيها اللبنانيون، وخصوصاً فريق العمل الذي عمل مع الوزراء».

وأكد وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل في كلمته «حماية الملف الوطني من الفساد والعمل على منع أي تسرّب للفساد والفاسدين إليه بأي شكل من الأشكال»، و»معاهدين جميع اللبنانيين بالمحافظة على هذه الثروة وتثميرها وتحصينها للبنانيين حاضراً ومستقبلاً».

وفي وقت أشارت مصادر نيابية مطلعة على الملف لـ«البناء» إلى أن «إسرائيل أرسلت وفوداً الى الشركات الثلاث لثنيها عن توقيع الاتفاقيات مع لبنان وهددتها بملاحقتها دولياً إذا استمرت بذلك»، لفتت المصادر الى أن «الشركات رفضت المطالب والتهديدات الإسرائيلية».

وأكد أبي خليل لـ«البناء» أن «لبنان لن يفرط بحقوقه في ثروته من النفط والغاز»، مشيراً الى أن «الرقعة رقم 9 تقع ضمن المياه البحرية اللبنانية وأنها خاضعة بشكل تامّ لسيادة الدولة اللبنانية»، ولفت الى أن «لا تفاوض مع «إسرائيل» على الحقوق اللبنانية»، ولفت وزير الطاقة الى أن «لبنان ثبّت حقه من خلال توقيع الاتفاقيات مع الشركات لبدء العمل للتنقيب واستخراج النفط. وبالتالي قطع الطريق على أي محاولات لقرصنة «إسرائيلية» لحقوقنا عبر وساطة من هنا وضغوطٍ من هناك»، موضحاً أن «لبنان مستعد للوساطة الأميركية على المناطق المتنازع عليها مع العدو «الإسرائيلي» وليس على الحقوق اللبنانية المعترف بها دولياً كالبلوك النفطي رقم 9».

وقد حاول رئيس حزب «القوات» سمير جعجع التماهي مع الطروحات الأميركية والتسويق للعرض الذي حمله مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ساترفيلد، ودعا جعجع الحكومة الى «التداول بشكل جدي بالحلول المطروحة من قبل الموفد الأميركي للوصول إلى أفضل مخرج ممكن أن يحافظ على جميع حقوقنا الوطنية ويفتح لنا آفاق المستقبل».

أميركا للبنان: حزب الله مقابل النفط؟

وعلى وقع التصعيد العسكري في سورية وتثبيت لبنان حقوقه في النفط والغاز، يصل وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الى لبنان الخميس المقبل في اطار جولة يقوم بها الى المنطقة.

وفي موقف يستبق زيارة رئيس الدبلوماسية الأميركية الى بيروت، أعلنت وزارة الخارجية الاميركية أنه «من البديهي أن استمرار حزب الله بالنشاط خارج سلطة الدولة اللبنانية أمر غير مقبول». ولفتت إلى أن «وزير الخارجية ريكس تيلرسون سيطرح خلال جولته في المنطقة قضية حزب الله الذي يلعب دوراً مخرّباً في لبنان والمنطقة».

وربطت مصادر مطلعة لـ «البناء» بين التهديدات «الإسرائيلية» ضد لبنان وادعائها امتلاك البلوك رقم 9 وبين محاولات الولايات المتحدة مقايضة لبنان بين تقديم ضمانة بشأن الحقوق النفطية اللبنانية مقابل ممارسة لبنان الضغط على حزب الله لـ«لجمه من شن ضربات على «إسرائيل» والضغط عليه لإخراج قواته من سورية».

اللواء* اللواء

وقف مؤقت لبناء الجدار الإسمنتي.. واجتماع ثلاثي يسبق محادثات تيلرسون

«حبس أنفاس» يسبق هجمة الترشيحات.. وتحذير مدني من حلّ النفايات بالمحارق

يترقّب لبنان الرسمي والسياسي مجيء وزير الخارجية الأميركي ركس تيلرسون الذي بدأ جولة عربية – شرق أوسطية إلى بيروت، ليس فقط، لقبول وساطته في ما خص البلوك رقم 9، حيث تلقت الشركات الدولية (الفرنسية – الروسية – الايطالية) تهديدات إسرائيلية، بسبب توقيعها عقوداً مع الحكومة اللبنانية بشأن استخراج النفط والغاز من البلوكات اللبنانية في مياه لبنان الإقليمية.. بل لمعرفة مسار التهديدات الإسرائيلية، بعد إسقاط طائرة إسرائيلية من نوع أف16 بالمضادات السورية، الأمر الذي حمل صحيفة «نيويورك تايمز» للإعراب عن مخاوفها من «أن العديد من القوى التي تتصارع فوق الأراضي السورية يمكن ان تتقاطع وتسهم في اندلاع مواجهة كبيرة».

وفتحت عودة الرئيس سعد الحريري من زيارة قصيرة وخاصة إلى باريس المجال امام استئناف الاجتماعات التحضيرية، بدءاً من اليوم، من أجل مؤتمر روما 2، الأوّل يعقد عند العاشرة من قبل ظهر اليوم، ويحضره وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق مع المسؤولين والخبراء التقنيين، والثاني لسفراء الدول المعنية والثالث يحضره وزير الدفاع يعقوب الصرّاف.

وعليه، استبعد مصدر مطلع انعقاد لقاء ثلاثي في قصر بعبدا اليوم، للتشاور في الموقف الموحّد الذي يتعين ابلاغه للوزير الأميركي، سواء في ما يتعلق بالجدار الاسمنتي، أو البلوك 9، أو الشق المتعلق بالتطورات العسكرية على الجبهة الإسرائيلية – السورية والانتهاك الإسرائيلي المتمادي للسيادة اللبنانية.
لكن المصدر رجح انعقاده غداً، على الرغم من زيارة رئيس وزراء بولندا، حيث يقيم الرئيس الحريري مساء اليوم مأدبة عشاء على شرفه في السراي الكبير..

وكشف المصدر عن اجتماع سيعقد بين الرئيسين نبيه برّي والحريري خلال الساعات المقبلة.

ولم تشأ المصادر السياسية الحديث عن معطيات محددة للزيارة، لكنها اشارت إلى ان المباحثات مع رئيس الدبلوماسية الأميركية ستتناول الجدار الاسمنتي على الحدود والبلوك رقم 9 وتسليح الجيش والإرهاب والقرار 1701.

وإذ أوضحت ان الموقف اللبناني واضح وصريح تجاه المواضيع التي قد تطرح، قالت ان ما من جلسة لمجلس الوزراء هذا الخميس بسبب الانشغال بالزيارة.
واستبعدت ان يعقد تيلرسون لقاءً خاصاً مع نظيره اللبناني جبران باسيل في الخارجية، بل سيكون اللقاء من ضمن زيارة بعبدا ولقاء الرئيس عون.
وكانت معلومات اشارت إلى ان المبعوث الأميركي ساترفيلد اثار مع المسؤولين اللبنانيين مقترحات معينة حول معالجة مشكلة «البلوك 9»، تقوم على مبادئ مقترحات مبعوث الخارجية الاميركية فريديريك هوف القاضية بتقاسم المنطقة المختلف عليها في البلوك 9 بين لبنان واسرائيل والبالغة مساحتها 863 كيلومتراً مربعا، على ان تكون حصة لبنان منها 580 كلم والباقي لإسرائيل، واقترح ساترفيلد إمكانية تحسين حصة لبنان قليلا، لكن الموقف اللبناني الموحد كان التحفظ على المقترح لأنه يعتبر ان هذه المنطقة هي له كاملة من ضمن حدوده البحرية وحدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، في حين تدعي اسرائيل ملكية جزء صغير من جنوب غرب الرقعة النفطية. إلا ان لبنان لم يقفل ابواب التفاوض لعدم تصعيد الموقف، وهو ينتظر زيارة الوزير تيلرسون لمعرفة المزيد عن المقترحات الاميركية لمعالجة المشكلة.

لغة لبنانية واحدة

وكانت التطورات الإقليمية الميدانية والسياسية المتسارعة، سواء في ما يتصل بالتهديدات الإسرائيلية أو المواجهة العسكرية السورية – الإسرائيلية التي لا تخفي توتراً ايرانياً – اسرائيلياً، قد أعادت توحيد الموقف اللبناني الرسمي تجاه هذه التطورات، حيث تحدث الرؤساء الثلاثة والمسؤولين السياسيون لغة واحدة حيالها، لا سيما من الطروحات التي قدمها نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد خلال زيارته لبنان الأسبوع الماضي، والتي مهد فيها لزيارة وزير الخارجية الأميركية ركس تيلرسون إلى بيروت الخميس المقبل.

وتجلت وحدة الموقف اللبناني في مستويين:

الاول: في المشاورات الهاتفية التي اجراهاالرئيس عون مع بري والحريري الموجود خارج لبنان، حول التطورات التي نتجت عن الاعتداءات الجوية الإسرائيلية على الأراضي السورية، والتي كادت تنعكس على لبنان مع تبادل الاستنفار العسكري على الحدود الجنوبية بين الجيش اللبناني و«حزب الله» من جهة وقوات الاحتلال من جهة ثانية، خاصة بعدما طاولت شظايا الاعتداءات الإسرائيلية أراضي لبنانية في منطقة البقاع نتيجة سقوط بقايا صواريخ سورية أو إسرائيلية، وايضاً مع تبادل الاتهامات بين إسرائيل وإيران حول تصعيد الموقف العسكري، وهو ما كاد يشعل فتيل مواجهة عسكرية لولا التدخل الأميركي – الروسي بطلب إسرائيلي لاحتواء الموقف ووقف التصعيد.

وتمثل هذا الموقف في ما أبلغه وزير الدفاع يعقوب الصرّاف لقائد قوات «اليونيفل» العاملة في الجنوب الجنرال مايكل بيري، برفض لبنان للخروقات الإسرائيلية المستمرة ولاستخدام إسرائيل الأجواء اللبنانية لتنفيذ غاراتها على سوريا وهو المعنى نفسه للشكوى التي طلبت وزارة الخارجية من البعثة اللبنانية الدائمة لدى الأمم المتحدة تقديمها إلى مجلس لإدانتهاوتحذيرها من مغبة استخدامها الأجواء اللبنانية لشن هجمات على سوريا.

وادانت الخارجية الغارات الإسرائيلية على سوريا، وأكّدت على حقها الدفاع المشروع على أي اعتداء إسرائيلي.

اما المستوى الثاني لوحدة الموقف اللبناني، فقد ظهر بوضوح حيال التهديدات الإسرائيلية من الجدار الحدودي ومن البلوك البحري رقم 9 والذي أبلغ ايضا إلى الموفد الأميركي ساترفيلد، عشية وصول تيلرسون إلى بيروت في ظل وضع إقليمي متوتر على امتداد المنطقة من الخليج إلى سوريا، مرورا بفلسطين المحتلة، ما يفترض انه يحمل مقترحات أو أفكاراً للتهدئة، ولا سيما لجهة إبقاء لبنان بعيدا عن أجواء التوتر والمواجهات العسكرية، والتي دخلت فيها إسرائيل طرفا واضحا سواء في سوريا أو في لبنان بدرجة أقل.

وبحسب وزير بارز معني بالوضع على الحدود، فإن الاتصالات أظهرت ان لبنان بمعزل عن انعكاسات التوتر الإقليمي عليه لسببين: الأوّل هو المسعى الأميركي لمعالجة الخلاف النفطي مع إسرائيل، والثاني المخاوف من انفلات الوضع على الحدود، خاصة وان إسرائيل غير مستعدة لحالة مواجهة مفتوحة وحتى محدودة مع الجيش والمقاومة في لبنان.

وكشفت هذا الوزير المعني لـ«اللواء» ان الموفد الأميركي ساترفيلد تمكن من التوصّل إلى حل ولو مؤقت لمشكلة بناء إسرائيل الجدار الاسمنتي على الحدود في منطقة الناقورة، مشيرا إلى ان اسرائيل ستوقف بناء الجدار في النقاط التي تحفظ عليها لبنان منذ العام 2000 داخل حدوده، وسيتم نقله إلى الخلف داخل أراضي فلسطين المحتلة، خشية ان يتحوّل إلى سبب لمواجهة عسكرية أو توتر مع لبنان لا يريده أحد في هذه المرحلة.

وأوضح ان هذا الموضوع سيكون مدار بحث ايضا بين الرؤساء الثلاثة ووزير الخارجية جبران باسيل وبين الوزير الأميركي الخميس المقبل.

عقود النفط
تجدر الإشارة إلى ان الرئيس عون كان رعى بحضوره يوم الجمعة الفائت الاحتفال في مجمع «البيال؛ للاعلان عن توقيع لبنان العقود النفطية مع تحالف الشركات الأجنبية الذي يضم «توتال» الفرنسية «وايني» الإيطالية و«نوفاتيك» الروسية، في حضور حشد من الوزراء وقائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ومدراء عامين وسفراء وشخصيات سياسية وقضائية ورجال دين وممثلي شركات نفط عالمية ومهتمين.
وكانت العقود وقعت رسمياً بين لبنان ممثلاً بوزارة الطاقة والمياه وهيئة إدارة قطاع البترول من جهة وتحالف الشركات الأجنبية في 29 كانون الثاني 2018، بعدما أودع ائتلاف الشركات البترولية، والذي تم منحه رخصتين بتروليتين حصريتين في كل من الرقعة رقم 4 والرقعة رقم 9، وزير الطاقة والمياه اتفاقيتي الاستكشاف والإنتاج الموقعتين أصولا من هذه الشركات مع الكفالات العائدة لتنفيذ الانشطة البترولية ذات الصلة، وإلتزمت الشركات بالمهلة المنصوص عليها في دفتر الشروط لإيداع الاتفاقيتين والكفالات، على ان تباشر الشركات عمليات الاستشكاف في البلوك 4 في العام 2019 ويليها البلوك 9.
وهنأ الرئيس عون اللبنانيين بتوقيع اتفاقيتي التنقيب عن النفط والغاز في الحقلين 4 و9 من المياه اللبنانية، وقال في تغريدة له على حسابه الشخصي على صفحة «تويتر»: مبروك، حلم كبير تحقق، وصار لبنان دولة نفطية.. نأمل ان نتمكن من استخراج النفط بدون عراقيل، ويصبح عنصرا اساسيا في اقتصادنا».

ترشيحات جدية

انتخابيا، تنشط الماكينات الانتخابية باتجاه احداث تغيرات شعبية، ويرتقب ان تسجل في الأسبوع الطالع ابتداء من اليوم ترشيحات جدية، كما من المقرّر ان يعلن حزب الله وحركة «امل» لوائحهما الانتخابية وتحالفاتهما، فيما تتواصل التحضيرات للاحتفال الذي سيقام بعد ظهر الأربعاء المقبل في مركز بيروت للمعارض «البيال»، احياء الذكرى الثالثة عشر لجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه.

ودعا وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق اللبنانيين إلى المشاركة بكثافة في الانتخابات، وخص أهالي بيروت بدعوة للالتزام بالتصويت لأن كل صوت بيفرق، وإلى توزيع اصواتهم التفضيلية، مرشحي اللائحة كلهم. تجدر الإشارة إلى ان مهلة انتهاء تقديم تصاريح الترشيح للانتخابات تنتهي بعد 23 يوماً.

إضراب تربوي
تربوياً، ينفذ القطاع التعليمي الرسمي الابتدائي والمتوسط والثانوي اضراباً، استنكاراً لما تعرض له الأساتذة الملحقون بكلية التربية الخميس الماضي، على طريق بعبدا، وذلك بناء على دعوة الروابط في الثانوي والأساسي، فضلاً عن حراك المتعاقدين الثانويين.

اصدرت رابطة الاساتذة المتقاعدين في التعليم الثانوي الرسمي بيانا دانت فيه ما تعرض له الأساتذة المتمرنون الملحقون بكلية التربية من «إفراط باستعمال القوة، ومن توجيه كلام ناب لهم ما يسيء لكرامة كل أستاذ في لبنان، ويعد خرقا للدستور الذي يكفل حرية التعبير التي تشمل حق الإضراب والتظاهر والاعتصام لكل مواطن لبناني».

رفض المحارق
بيئياً، نفذ أمس أكثر من 400 متظاهر ومتظاهرة وقفة احتجاجية، دعا إليها ائتلاف ادارة النفايات، أمام السراي الحكومية في رياض الصلح، رفضا لسوء ادارة النفايات، من توسيع المكبات البحرية الى اعتماد المحارق كحل لأزمة النفايات المزمنة.

وحمل المتظاهرون لافتات طالبوا فيها المسؤولين بالعدول عن قراراتهم الأخيرة والعمل على خطة متكاملة ومستدامة لإدارة ملف النفايات.

ثم ألقت الدكتورة في الجامعة الأميركية في بيروت نجاة صليبا كلمة قالت فيها: «ان قرارات الحكومة المتعلقة بإدارة النفايات الصلبة سوف تغرق البلد بالتلوث، وبلدنا لا ينقصه تلوث وأمراض، هناك مريض بالسرطان في كل بيت، الوضع كارثي ولا نريد الموت بالسرطان بسبب المحارق».
وأشارت صليبا الى جملة أسباب للاعتراض والاحتجاج ضد سوء ادارة النفايات «ومنها قرار الحكومة اعتماد المحارق، وفي الوقت عينه قالت انها ستعمل على الفرز من المصدر وإعادة التدوير.

الاخبار*  الاخبار

عماد مغنيّة… الآن هنا

ابراهيم الأمين

بين عامَي 1982 و1992، عقد من الزمن عاشه عماد مغنية منخرطاً في مقاومة استثنائية، عشر سنوات فعل فيها الكثير الكثير.
وبين عامَي 1993 و1998، نصف عقد من الزمن، بنى خلاله عماد مغنية عالماً من الأمن والاستخبارات والعمليات النوعية، جعلت يد المقاومة هي الطولى في كل الساحات.

وبين عامَي 1998 و2008، عقد آخر من الزمن، أنجز خلاله عماد مغنية بناء مقاومة، تنجز التحرير وتمنع عودة الاحتلال، وقدم ما لم يتوقعه صديق ولا عدو.
وبين عامَي 2008 و2018، لا يزال إنتاج عماد مغنية يصرف يومياً في كل الجبهات.

ماذا عن العقد المقبل: إنه العقد الذي أفنى عماد مغنية حياته في سبيل تحقيق الهدف الأمثل. داخل مكتبه الكبير، كان الحاج رضوان يستمع إلى السؤال الكيدي الدائم: الى أين تذهب في الحرب مع إسرائيل؟ لم تغب الابتسامة عن وجهه، وهو يقف ليخرج من خزانة لوحة حائط، في رأسها عنوان: إزالة إسرائيل من الوجود!

■ ■ ■
لم يكن قد مر وقت طويل على انتهاء حرب تموز 2006. إسرائيل غرقت في تحقيقات لجنة فينوغراد لتحديد المسؤوليات عن الهزيمة. والمقاومة انشغلت في ترميم الترسانة العسكرية، وعلى خط مواز، كانت المراجعة للوقائع التفصيلية ليوميات الحرب.

لم ينم «الحاج» وهو يبحث ويعمل وينجز. وفي شرحه للاستراتيجية يقول: جيش العدو عبارة عن طائرة حربية، واستخبارات عسكرية، وطائرة مروحية ودبابة وجنود. ومهمتنا عرقلة عمل الطائرة الحربية، وإصابة استخبارات العدو بالعمى، وامتلاك سلاح يخرج المروحيات من الميدان، وصواريخ خاصة تنهي أسطورة مدرعات العدو. عندها، لن يبقى أمامنا سوى الجنود، ولتقع المواجهة!

خلال أسابيع المواجهات العنيفة مع دبابات العدو، كان الرئيس بشار الأسد قد أمر هيئة أركان جيشه بفتح جميع مخازن الجيش، وطلب الى العميد الشهيد محمد سليمان قيادة أكبر عملية نقل للأسلحة النوعية الى مجموعات المقاومة في لبنان، بما فيها ترسانة صاروخية لم تستخدمها المقاومة خلال الحرب، وكان بمقدورها قصف تل أبيب، وربما ما هو أبعد منها جنوباً. مع انتهاء الحرب، لم تقفل مخازن الجيش السوري، بل رفع مستوى التنسيق الى درجات غير مسبوقة. لم يكن الأسد يتصرف كداعم أو نصير، بل كشريك كامل في المعركة. لم يكن يهمه سوى تحصين المقاومة بكل ما تحتاج إليه، وليس عنده خطوط حمر أو صفر، بل قرر عن وعي أن ما فعلته المقاومة في لبنان عام 2006 كان مفتاح التغيير الجوهري في الصراع مع العدو.

قد يكون من غير الممكن الحديث اليوم عن النقاشات والتجارب والأعمال التي جرت في سوريا خلال السنوات التي تلت حرب تموز. لكن، ثمة خلاصة أكيدة تتصل بكيفية تحديد عناصر القوة عند العدو، والعمل على معالجتها بحكمة وقوة وإصرار. ولهذه القواعد روايتها:

البساطة، عنوان مدرسة الحاج رضوان في فهم المفيد والقيام باللازم. لا يحتاج الأمر الى منظّرين، بل الى وضوح في القراءة، وتحديد دقيق للهدف، ثم العمل على تحقيقه. وبناءً عليه، طرح السؤال مباشرة: بماذا يتميز جيش العدو؟

1 – سلاح الجو
إضافة الى كون طائرات العدو تمسح الأجواء، فإن طيران العدو أفضل الوسائل التي تحمل صواريخ تزن في بعض الأحيان طناً من المتفجرات، وتصيب مبنى بعينه. ويتاح لها المناورة والإفلات. كما أن الطائرة تسمح بتوفير خدمات كبيرة خلال تقدم القوات البرية، أو في التصدي لهجوم العدو. فماذا نفعل في مواجهتها؟

إذا كان صعباً على المقاومة في لبنان أن تمتلك طائرات هجومية من طراز ينافس الطيران الأميركي الموجود في حوزة جيش العدو، فإن تحقيق الهدف عبر ضربات دقيقة ومؤلمة لأهداف العدو يستلزم توفر الوسيلة المناسبة. إنها الترسانة الصاروخية الهائلة والمتنوعة لناحية المديات ولناحية وزن رؤوسها المتفجرة، الموجودة اليوم في حوزة المقاومة، والقادرة على تدمير مدن بكاملها في إسرائيل، وتحقيق إصابات نقطوية، مثل مبنى أو منشأة أو مرفق ما.

الحاج رضوان: كان هدفنا تعطيل
طيران العدو بعد مدرّعاته ليبقى
الجنود في المواجهة

إن تملك المقاومة هذه الوسيلة يعني أنها وجدت ما يحقق توازناً مع النتيجة العملانية الأولى لسلاح الجو. ومتى قرر متحاربان عدم الانتحار، فهذا يعني أن إسرائيل، مهما كان لديها من طائرات أو صواريخ ذكية، تعرف أنها ستدفع ثمناً أكثر قساوة، كون عدوها يمتلك ترسانة صاروخية هائلة تحقق الهدف نفسه.
صار بمقدور الحاج رضوان القول: لدينا السلاح الذي يوازي بفعاليته قدرة سلاح الجو عند العدو.

2 – سلاح الاستخبارات
ليس من دولة لديها هذا الكم الهائل من الموارد المالية والبشرية لأجل عمل الاستخبارات. وللعدو خبرة طويلة في تحقيق الاختراقات، ما جعل النظرية المقابلة في مدرسة عماد مغنية تقوم تحت عنوان «إصابة العدو بالعمى»، ما يفرض اعتماد سرية غير مسبوقة في العمل. يكفي، مثلاً، أن فريق الحاج رضوان أقام منازل داخل جبال كبيرة، وتحت الأرض، ولم يترك لأحد، جار أو عابر سبيل أو عميل أو عين العدو، أن يلحظ أي شيء. لم يترك أثراً من تربة أو شجر أو تلة أو هضبة. وعندما اكتشف العدو بعض المحميات خلال حرب تموز، لم تكن الصدمة بما أنجز فقط، بل في التعرف إلى جانب آخر من شخصية المقاومة الأمنية.

لكن ما تخشاه إسرائيل يتمثل في كون المقاومة حققت ما قال الحاج رضوان إنه ممكن، ويجب أن يكون أمراً واقعاً، وهو امتلاك المقاومة أجهزة استخبارات بشرية وتقنية غاية في التطور، تسمح لها بمسح الأهداف الاستراتيجية للعدو داخل فلسطين المحتلة. وقد يصعب على الإسرائيليين فهم الوضع. لكن، على سكان بعض أحياء تل أبيبالتفكر في أن حزب الله يعرف بالضبط ما يوجد في شقق ومتاجر يعتقد هؤلاء السكان أنها تؤوي عائلة مسالمة أو شركة خدمات تجارية.

إن لدى المقاومة في لبنان اليوم بنكاً من الأهداف، تطلّب جمعه سنوات طويلة من العمل، وموارد بشرية ومالية هائلة أيضاً. لكنه ليس بنكاً للمعلومات فقط، بل صار نقاطاً محددة على رؤوس صواريخ سيكون من العبث إن فكر العدو بقدرته على تدميرها. وهي أهداف ستلقي بنصف سكان إسرائيل في العراء بحثاً عن ملجأ غير موجود، وستطيح جهود سبعين عاماً من البناء في دولة قادرة وعصرية وحديثة.

3 – عرقلة عمل الطيران
معالجة تفوّق سلاح الجو عند العدو، تحتاج في عقل عماد مغنية العامل على مساحة 360 درجة، الى البحث عن وسائل إضافية، لتعطيل هذا السلاح بصورة شبه كاملة. وهذا يعني امتلاك منظومة رادارات متطورة تتيح كشف أي حركة لسلاح الجو المعادي، من لحظة انطلاق الطائرات من مخادعها في المطارات العسكرية. وهي منظومة يعرف العدو أنها موجودة ومتاحة في أيدي أعدائه الحقيقيين. كما يوجد في حوزتهم تحديد دقيق لمواقع المطارات العسكرية، وبمقدور زخات متواصلة من الصواريخ الدقيقة تعطيل هذه المطارات. وفوق كل ذلك، هناك سلاح إضافي اسمه الصواريخ المضادة للطائرات التي تعرقل مهمات سلاح الجو المعادي، وتسقط الطائرات أيضاً. وهذا النوع من الصواريخ صار أيضاً متاحاً، وفق المعادلة الراسخة في عقل الإسرائيليين: إن كل ما تصل إليه أيدي إيران من أسلحة حديثة، يعني أنه سلاح في خدمة حلفاء إيران في المنطقة. فكيف إذا قدمت روسيا للجيش السوري ما يحتاج إليه لحماية سيادته براً وبحراً وجواً؟

■ ■ ■

ماذا حصل فوق سوريا قبل يومين؟

حسماً لنقاش سيطول عند الأغبياء والموتورين والمكابرين، فإن بشار الأسد هو صاحب القرار النهائي في كل ما يحصل على الأراضي السورية. وبشار الأسد جريء الى أبعد مما يعتقد حتى أصدقاؤه. وبشار الأسد لم يكن يوماً ليبتعد عن مهمة المواجهة المباشرة مع العدو. لكن بشار الأسد واقعي وصاحب عقل، ويعرف ترتيب الأولويات. وأكثر من ذلك، يجيد استخدام الدعم الذي يأتيه من هنا أو هناك. وبعد كل التطورات التي شهدتها المعركة الواسعة في وجه العصابات المسلحة في سوريا، لم يكن ليتجاهل أن العدو الأصلي، الأميركي والإسرائيلي، سيضطر إلى الحضور مباشرة هذه المرة، علّه يحقق ما فشل الوكلاء أو العملاء أو المضللون في تحقيقه.

طائرات المقاومة هي صواريخها
التي تصل إلى كل نقطة وكل هدف

صحيح أن سوريا لا تسعى خلف حرب مع إسرائيل اليوم. وصحيح أكثر أن المعادلات الإقليمية والدولية لا تدفع نحو حرب من هذا النوع. لكن الصحيح أكثر، هو أن الأسد لا يقبل بأن تفرض إسرائيل معادلات تصب نتيجتها في خدمة عملاء العدو، وفي إضعاف الدولة السورية. ولذلك، حرص الأسد منذ سنوات وخلال الأشهر الأخيرة، على تنبيه العدو من أن صبره على الاعتداءات الإسرائيلية بدأ ينفد. ولذلك، كان القرار حاسماً عند الأسد، وعند حلفائه، بأنه آن الأوان لتلقين العدو درساً في سياق حرب لن تتوقف عند ما حصل، لكنه سياق سيفتح الباب أمام معادلات صعبة على الجميع، وعلى العدو بوجه خاص. وهذا القرار الاستراتيجي بالرد استتبع خططاً عملياتية، فيها من التكتيك الواسع لناحية اختيار التوقيت وأدوات الرد بغية تحقيق النتيجة. وهذا ما حصل.
عملياً، أفرط العدو بثقته بنفسه عندما تصرف بأن سوريا لن ترد على الاعتداءات الجوية. وما إن خرج طيران العدو، في مهمة مقررة مسبقاً، أو استدرج إليها ــــ لا فرق ــــ كان في انتظاره فريق يطبق نظرية «الشبكة العنكبوتية»، والله أعلم إن كانت من بقايا المدرسة السوفياتية، والتي تعني تحديد دائرة المدى الذي تتحرك فيه طائرات العدو، ثم تتم تغطيها بوابل من الصواريخ الموجهة، والتي تطلق بغزارة غير تقليدية، ما يرفع احتمال تحقيق إصابة مباشرة في طيران العدو، ولا سيما أن الصواريخ المستخدمة ليست حديثة الطراز، وهو ما حصل فعلاً، ولم تكن النتيجة فقط إسقاط الطائرة العسكرية، بل أدخلت مناطق واسعة من الكيان الصهيوني في حالة ذعر تفرض عادة إجراءات تتسبب بمزيد من الهلع عند الدولة والسكان.

ومع أن الجميع غارق في البحث عن نتائج ما حصل، من المهم طرح سؤال أخير: طالما أن إسرائيل ستواصل عدوانها مستخدمة حدود سوريا الجنوبية أو حدود لبنان الشرقية محطة للقصف، فإن قرار التصدي لها قائم وسيستمر، ما يعني أن احتمال سقوط طائرات إضافية كبير، فماذا ستكون الحال، لو اضطر الطيارون الى الهبوط فوق مناطق على الحدود اللبنانية – السورية، وبوضوح أكبر، فوق مناطق تحت سيطرة حزب الله؟

بين الخضوع والمكابرة: هل تغامر إسرائيل في رفض المعادلات الجديدة؟

يحيى دبوق
دخلت إسرائيل ومقاربتها العسكرية والأمنية للساحة السورية بداية مرحلة جديدة، من شأنها أن تؤسس لمعادلة وقواعد اشتباك مغايرة ومختلفة بينها وبين أعدائها لما كان عليه الوضع قبل فجر العاشر من شباط الجاري. إسقاط الطائرة الإسرائيلية، والمواجهة التي خيضت بعمومها، شكلاً ومضموناً ونتيجة، تعد كاشفة لموقف الجانبين وقرارهما وإمكاناتهما التي بدت إسرائيل فيها محدودة الخيارات، وكذلك قد تكون مؤسسة لمرحلة مقبلة، كما أنه لا يبعد أن تكون أيضاً تأسيسية لمعادلات جديدة، بدأ تبلورها مع صدور القرار السوري بالتصدي لاعتداءات إسرائيل ولجمها.

وبعيداً عن الدعاية الإسرائيلية التي حاولت، ولا تزال، تقليص صورة الانكسار وتداعياتها، وكذلك بعيداً عن الإفراط في الحديث عن الانتصار في الجهة المقابلة، إلا أنّ الحدث غير اعتيادي واستثنائي، ومشبع بالدلالات:

قد يكون من المبكر الإحاطة الكاملة بكل تداعيات ودلالات مواجهة فجر السبت الماضي، وما يمكن أن يؤسس ويبنى عليها من مسارات، علماً بأن للمبالغة في تقدير الدلالات إضراراً للموقف أكثر من كونه ذي فائدة. مع ذلك، في حد أدنى، الواضح أن قرار القيادة السورية وتوثبها للتصدي للاعتداءات الإسرائيلية، بإمكانه نقل الواقع و«المنازلة» المستمرة منذ سنوات مع إسرائيل، إلى واقع ومستويات وقواعد اشتباك مغايرة تماماً، وبما يشمل تقليص خيارات إسرائيل العملية في سوريا، التي كانت حتى الأمس القريب متاحة أمامها بلا تداعيات سلبية تذكر.

في ذلك، ستكون إسرائيل أمام اختبار غير سهل، ومحفوف بالمخاطر والتهديدات، في حال قررت معاودة الاعتداء في سوريا. صانع القرار في تل أبيب أمام سؤال كبير جداً، قد لا يجد إجابة عنه بلا مجازفات: هل يشكل التصدي السوري بداية مرحلة جديدة أمام اعتداءات إسرائيل، أم أنه قرار استثنائي ــ ظرفي؟ في هذا الإطار، قرار القيادة السورية بالتصدي لاعتداءات إسرائيل أهم في دلالاته وتداعياته على الموقف والقدرة الإسرائيليين، من نتيجة التصدي نفسها وإسقاط الطائرة الإسرائيلية وتساقط صواريخ المنظومات الدفاعية السورية على مجمل مساحة الشمال الإسرائيلي. في إسقاط الطائرة تضرّر لصورة إسرائيل وهالتها مع تصدع في قدرتها الردعية. أما لناحية قرار القيادة السورية في التصدي، فيعني إضراراً بمصالح إسرائيل الاستراتيجية عبر تقليص خياراتها العلمية، ومنعها من تفعيل قدراتها العسكرية أو التهديد بها، لفرض مصالحها أو أجزاء منها، في سوريا وعبرها باتجاه أكثر من ساحة في المنطقة.

ضمن ذلك، يتجاذب إسرائيل حدّان: حد أول يدفعها إلى الحيطة والحذر، وبالتالي إلى الارتداع والرضوخ للقواعد الجديدة وفقاً للمتغيرات التي يعمل أعداؤها في سوريا على فرضها عليها، بما يدفعها إلى الامتناع عن خوض خيارات تحمل قدراً كبيراً من المجازفة، وقد تفضي إلى الأسوأ والمواجهة الشاملة التي لا تريدها ولا تقوى عليها؛ في حين أن الحدّ الثاني يفرض عليها الإصرار على التمسك بالقدرة على المبادرة العملانية العسكرية في سوريا ومواصلة السياسة المتبعة نفسها منذ سنوات، وتحديداً ما يتعلق بالقدرة على توجيه الضربات العسكرية في سوريا من دون أي تغيير، ربطاً بأن تحقيق مصلحتها في سوريا ومن خلالها غير ممكن من دون رافعة تأثير عسكرية، عبر إفهام أعدائها وحلفائها وخصومها وأصدقائها على السواء بأنها قادرة ومتوثبة ومقررة تفعيل قدراتها العسكرية لفرض مصالحها.

إضافة إلى المفاجأة
الإسرائيلية، وُجد قدر
كبير جداً من الإرباك

الواضح أن القيادة الإسرائيلية، وتحديداً القيادة العسكرية الحاكمة فعلياً وصاحبة القرار في هكذا ظرف وهكذا اختبار، قررت السبت الماضي الرضوخ وعدم إثارة الجانب السوري أكثر والامتناع عن التمادي، وخاصة أنها تلمست توثب دمشق وإصرارها في مواجهة اعتداءات تل أبيب. لكن، هل بإمكان إسرائيل مواصلة الرضوخ؟ كما هل بإمكانها الإصرار على سياسة الاعتداء؟ سؤالان كبيران جداً، لا يمكن تلمس الإجابة عنهما بالكامل، إلا بعد أن تقرر إسرائيل المجازفة من جديد، وأن تتلقى الرد.

كان واضحاً، من الساعات الأولى التي أعقبت المواجهة فجر السبت الماضي، أنه إضافة إلى المفاجأة الإسرائيلية، وجود قدر كبير جداً من الإرباك، انعكس في المواقف والتصريحات الصادرة عن تل أبيب، وكذلك في انعكاس الموقف على تقارير المراسلين والمعلقين في الإعلام العبري. إرباك لم تتراجع وتيرته ومستواه، لليوم الثاني على التوالي.

أيضاً كان واضحاً وجود توجيه من أعلى، ورضوخ رضائي من أسفل، على ضرورة ترميم الصورة المتشكلة للانكسار والفشل والإخفاق في مواجهة قرار التصدي السوري. محاولة خصصت باتجاهين اثنين: الأول تجاه الجمهور الإسرائيلي نفسه، والثاني تجاه الأعداء (وكذلك الأصدقاء والحلفاء) في الطرف الثاني. وهي محاولة تجندت لها المؤسسة السياسية، وفي المقدمة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وكذلك عدد من الوزراء، بما انسحب أيضاً على تقارير تصدرت الإعلام العبري. تصريحات نتنياهو، وكذلك وزرائه، وتماشي الإعلام معه، انشغلت بجانب النتائج والموازين التكتيكية للمواجهة وتداعياتها، فيما جرى إهمال أبعادها ونتائجها الاستراتيجية، وأين موقع إسرائيل الجديد نتيجة ما يمكن أن يبنى عليه من واقع ومعادلات بدأت تتشكل بشكل سلبي في مواجهة إسرائيل في الساحة السورية ومنها.

على ذلك، ركّز نتنياهو في كلمة مختصرة جداً ومسجّلة بثت على قنوات التلفزة العبرية بعد ساعات من المشاورات في أعقاب التصدي السوري، على ما وصفه بـ«الهجوم الشديد على أهداف إيرانية وسورية»، مع تشديده أيضاً على أن «إسرائيل ستواصل الدفاع عن نفسها ضد أي هجوم عليها»، وهو ما عاد وكرره أمس في مستهل جلسة الحكومة، مع التركيز على تكرار أن «إسرائيل وجهت ضربة قاسية للقوات الإيرانية والسورية، وبعثت برسالة مفادها أن قواعد اللعبة بالنسبة إليها لم تتغيّر»، وهو تشديد كلامي لافت جداً ويشير إلى عدم القدرة على «بلع» النتائج، ومحاولة يائسة لقلب الحقائق، وخاصة أن الكلام عن «الضربة القاسية» لا يتوافق مع الواقع ومع محدودية الفعل الإسرائيلي كما حصل.

وما ورد على لسان نتنياهو ورد أيضاً مع مبالغة إلى حدود غير مسبوقة، لدى عدد من الوزراء. وكان واضحاً أن إرادة وضرورة طمأنة الجمهور حول قدرة وثبات واقتدار الجيش الإسرائيلي، متقدمة جداً إلى الحد الذي بالغت في التصريحات والمواقف بشكل مفرط وابتعدت عن الحقائق، وهو إفراط بطبيعة الحال مرصود من قبل الجانب الثاني من الحدود، ومعانيه ودلالاته ستكون حاضرة وجزء لا يتجزأ من عوامل قرار المواجهة المقبلة، إن قررت إسرائيل المجازفة من جديد.

وزير التربية والتعليم عضو المجلس الوزاري المصغر، نفتالي بينت، قال إنّه «وجهنا أمس ضربة عميقة جداً لمنظومة الدفاع الجوي السوري، وأصبحت دمشق مكشوفة»، فيما طالب وزير البيئة وأيضاً عضو المجلس الوزاري المصغر، زئيف الكين، «بضرورة عدم التركيز على الجزء الصغير بإسقاط الطائرة الإسرائيلية، بل التركيز على أننا وجهنا ضربة قوية جداً للقوات الإيرانية والسورية».

وزير الشؤون الاستخبارية، يسرائيل كاتس، أشار إلى أن «إيران بحاجة إلى وقت لتستوعب الضربة الجوية التي وجهت لها من قبل إسرائيل!». وقال في مقابلة مع «القناة 12» إنه «بعد إصابة الطائرة الإسرائيلية، نفذنا ضربات جوية ضخمة وكبيرة جداً ضد النظام السوري وإيران داخل سوريا، وسيكون لها تداعيات ودلالات مستقبلية». وفي محاولة على طريقة «هنا القاهرة»، أشار كاتس إلى أن «حقيقة أن حزب الله لم يشترك في المواجهة يدل على حجم الردع الإسرائيلي تجاهه»!

ولدى سؤاله إن كان قلقاً من الصورة التي عرضت أمام العالم العربي، وخاصة في لبنان، لطائرة الـ إف 16 المحطمة، وإن كان قلقاً أيضاً من محاولات جديدة قد يقدم عليها الأطراف الآخرون في اعتراض الطائرات الإسرائيلية التي تعمل فوق سمائهم، أجاب الوزير تساحي هنغبي: «لا شك أنهم سيحاولون. أعتقد أن الخطر من الشمال لا ينتهي. والشر الذي يأتي من الشمال هو تحذير وآية موجودة في التوراة، وللأسف هذا سيرافقنا سنوات طويلة».

بري: البلوك 8 هو القصة

علّق الرئيس نبيه بري على حادثة إسقاط الطائرة الإسرائيلية بالقول إنه «تطوّر مهم»، معتبراً ما حصل «أكثر من معركة وأقل من حرب». وأكد أن «أهميته تكمن في كون هذا الحدث لم يحصل منذ سنوات كثيرة، ويدل على أن ما يمتلكه الجيش العربي السوري مهم ومتطور». لذا «لا يُمكن قراءته من منظور ضيق، بل من باب المنطقة ككل».

في الشأن الداخلي، أشار رئيس المجلس إلى أننا «تخطينا الطرح الذي حكى عن خط (الموفد الأميركي السابق) فريدريك هوف، وهذا الأمر أبلغناه للموفد الأميركي دايفيد ساترفيلد الذي جاء لكي يمهد لزيارة وزير الخارجية الأميركي» هذا الأسبوع. وأوضح أن اجتماعا ثلاثياً سيعقد اليوم في الناقورة لسماع رد الطرف الإسرائيلي، بعدما عرض الجانب اللبناني مسألة الجدار الذي ينوي العدو إقامته على الحدود اللبنانية ــ الفلسطينية، وأكد موقف الحكومة اللبنانية الرافض لإنشاء هذا الجدار كونه يمس السيادة اللبنانية.

وأكد بري أن أحداً لم ينقل رسالة تهديد للبنان بشأن انسحاب الشركات من اتفاقية النفط والغاز، جازماً أن «هذا الأمر غير وارد». وكشف أن مدير شركة «توتال» زاره قبيل حفل البيال وأكد له أن «الشركات متمسكة بالاستثمار في هذا القطاع في لبنان». ورجح أن «يكون البلوك ٨ هدفاً إسرائيلياً وليس البلوك ٩، لكنه رمى هذه الجملة ليصيب في ما بعد هدفه، كمن يلعب البليار، لأنه بحسب الدراسات، البلوك ٨ غني جداً»، مشيراً الى أن أي «تهور إسرائيلي سيدخل العدو في مشكلة مع الروس والأوروبيين». وكشف أنه سيكون هناك لقاء قريب مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

المصدر: صحف

البث المباشر